روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات تربوية واجتماعية | خطيبي.. أصم وأبكم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة


  خطيبي.. أصم وأبكم
     عدد مرات المشاهدة: 2286        عدد مرات الإرسال: 0

أنا عمري 31 ولست جميلة بل عادية جدا تقدم لخطبتي شاب 35 عام متدين ووسيم ولديه بيت ملك ويعمل مبرمج كمبيوتر ولكنه ابكم واصم ، انا لست بالمعارضة كثيرا فقد يكون هو الخير لي ولا ادري

خصوصا ان اهله اخبروني بأن اعاقته بسبب الحمى التي اصيب بها منذ الصغر.

ولكن اهلي يعارضوا ذلك خوفا علي ان اندم كما انهم يقولون لي لا نعلم حقا انه اصيب بذلك بسبب الحمى ام لا لانه كان مطلق وزوجته الأولى طلبت منه الطلاق لانها لا تريد ان تنجب منه

وانا محتارة ماذا افعل فليس معي من يشجعني واخشى ان عمري يذهب سدى دون جدوى كما انني اخشى ان يكون الأعاقة وراثية فتأتي في اولادي وبعدها اندم اشد الندم.

ارجو النصح لي هل اخذه ام لا ؟ ولكم جزيل الشكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد.

الزواج رباط مقدس يجمع ما بين رجل وامرأة ضمن جو من السكينة والطمأنينة.

ولتحقيق ذلك علينا قبل السير بهذه الخطوة المصيرية استشارة الأهل والنفس والطرف الآخر واستخارة الله تعالى لتكوين الصورة الأفضل لشريك العمر.

ليكون فعلاً شريك العمر من أجل الراحة والاستقرار النفسي والاجتماعي والصحي.

ويجب أن يكون الاختيار مبنيًا على القناعة والدراسة الموضوعية الوافية والتفكير المنطقي، وليس مبنيًا على العاطفة أو الشفقة أو أي موازين أخري.

ابنتي الحبيبة ..

الإعاقة ابتلاء من الله تعالى، ولا دخل للمرء فيه، فليس إنسان على وجه الأرض إلا وبه مرض أو اعاقة خفَّ أو ثقل.

و مهما علم الإنسان، وبلغت معرفته فإنه لا يعلم الغيب إلا الله وحده. فمن يعلم ما هو آت في باطن الأيام؟!

فربما تتزوجي من يكون بحسابات البشر صحيح سليم البدن، ولكن من يعلم حسابات الله؟ وكم من إنسان ابتلي بعد الزواج مباشرة بأمراض وأسقام...

هل معنى ذلك أن يتركه شريكه ولا يقف بجانبه يرعاه ويواسيه ويشد من أذره... إن قانون الزواج أقامه الله –سبحانه وتعالي- على المودة والرحمة... والرحمة هي كل ما تعني هذه الكلمة من معانٍ..

فالزواج من شخص يحتاج الى رعاية خاصة يحتاج أيضا إلى فتاة ذات مواصفات خاصة أولها التضحية.

فإذا كنتِ- يا قرة عيني - ترى فى نفسكِ هذا الشرف فهذا جيد جدا وشىء يحسب لكِ. و أنتي أدري بقدراتكِ ولا أحد سواكِ يستطيع أن يقول لكِ تزوجيه أو لا تتزوجيه.

فعند اتخاذكِ لقرار الزواج يكون اختياركِ لمن تكملي معه مسيرة الحياة دون النظر إليه يوما بنظرة شفقة أو عطف أو حتى ندم ( أخشى أن عمري يذهب سدى دون جدوى).

ابنتي الحبيبة..

ذكرتِ أن الشاب المتقدم للزواج منكِ يحمل صفات طيبة فهو (متدين ووسيم ولديه بيت ملك ويعمل مبرمج كمبيوتر).

فهذه صفات ترجح كفته لدي أي فتاة، إلا أنه قد ابتلي باعاقة (لكنه أبكم واصم)، و أنتي فتاة كما ذكرتِ ( لست جميلة بل عادية جدا)، ولكن قد بلغتِ من العمر 31 عاما.

وهذا العمر كما هو واضح من رؤيتكِ قد فرض عليكِ تنازلات في شروط من ترضينه زوجا لكِ.

وهذا ليس عيبا أو خللا حين تعيد الفتاة ترتيب أولوياتها كلما تقدم بها العمر، ولكن أن ترضي بمن لا يناسبها أو يوافقها فكريا وعاطفيا لمجرد الحصول علي لقب زوجة و الهروب من لقب عانس.

فهذا خطأ كبير. فشريك العمر يجب أن تكون فيه مؤشرات وعوامل تثبت صحة الاختيار للارتباط به، والرغبة في تكوين شراكة العمر، لأن الزواج هو أول حجر في بناء الأسرة.

فهل أنتي علي استعداد لتقبل حياة ربما يغلبها الصمت في كثير من الأحيان؟ وهل أنت علي استعداد لتعلم لغة الإشارة والحركات، بل ولغة العيون ليكون الحوار بينكِ وبينه متواصلا دائما ومعوضا لكما عن لغة اللسان؟

وهل أنتي علي استعداد دائم للتضحية و التنازل دون إشعاره ببذلكِ و عطاءك؟

وهل أنتي علي استعداد بدوام التحلي بالصبر و الهدوء وخصوصا في المواقف التي يتعثر فيها التفاهم بينكما حيث أن أصحاب الاعاقات يغلب عليهم العصبية وشدة الحساسية؟

وهل أنت علي استعداد لتحمل مسئوليات إضافية وأعباء جديدة عندما ترزقين بأطفال؟

ابنتي الفاضلة..

فهمت من رسالتكِ أن أكثر ما يشغلكِ بشأن هذا الخاطب أن يكون يحمل في جيناته ما يجعله يورث هذه الإعاقة لأبنائك (أخشى أن يكون الأعاقة وراثية فتأتي في أولادي وبعدها اندم اشد الندم).

وهذا بالطبع أمر يجب أن يؤخذ في الحسبان.

و هو ما حثت عليه الشريعة، فالمحافظة علي النسل من الكليات الست التي اهتمت بها الشريعة.

فلا مانع من حرص الإنسان على أن يكون نسله المستقبلي صالحاً غير معيب، فهذا من حق الأبناء علينا، وإن خُيّر الإنسان بين أمرين ربما ينتج عن أحدهما ضرر، فإن القاعدة الفقهية تقرر أن "يرتكب أهون الشرين"

وأنه "يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام". و قاعدة "الدفع أولى من الرفع" حيث إنه إذا أمكن دفع الضرر قبل وقوعه فهذا أولى وأسهل من رفعه بعد الوقوع .

و"الوسائل لها حكم الغايات"، فإذا كانت الغاية هي سلامة الإنسان العقلية والجسدية؛ فإن الوسيلة المحققة لذلك مشروعة.

وطالما أنك تبتغي مصلحة مشروعة لك ولأسرتك الجديدة ولأبناء المستقبل، فهذه من الأسباب المأمور بها شرعاً .

ابنتي العاقلة .. هذه حياتك وأنتي صاحبة القرار، ولكن أنصحك بعد استشارة أهل الثقة من الأهل والمعارف و استخارة الله تعالي.

أن تتوجهي برفقة هذا الشاب وفي وجود محرم لك، لعمل الفحوصات اللازمة والتي أجد أن نتائجها ستبين ما إذا كان هذا الخاطب يحمل في جيناته ما يشير لتوارث هذه الاعاقة أم لا، حتى يكون قرارك مبنيا علي الوضوح والاقتناع.

وفي الختام .. أدعو الله سبحانه وتعالي أن يرزقكِ الخير كله عاجله وأجله وأن يرزقك ِالزوج الصالح والذرية الطيبة.. وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

الكاتب: أ.د. سميحة محمود غريب

المصدر: موقع المستشار